parallax background

قصة مجتمعين

photo 1511371496040 1fb40794e675 80x80 - قصة مجتمعين
معضلة مفهوم التنمية
مايو 4, 2014
cropped image of a chambermaid making bed in PUANS32 80x80 - قصة مجتمعين
العمالة المنزلية قدر الكويتيين
مايو 6, 2014


ماذا سيحدث للمجتمعات الصغيرة الحديثة ، عندما تفتح أبوابها على مفاهيم و أفكار و أنماط حياة المجتمعات الكبيرة الحجم و الضاربة في التاريخ و التقدم . هذه المجتمعات المتقدمة ، و صلت الى المستوى الحاضر بعد أن قطعت مسافة زمنية من العمل الجاد و الانجاز و هيئة قاعدة عريضة بنت عليها كل مراحل التقدم . كانت نصب أهدافها هي توفير ارقى مستويات الحياة للإنسان . على هذا الاساس اسسوا مبدأ حرية التفكير و إطلاق مبدأ الحرية في مكونات العقل الانساني ، فصنعوا الحضارات و اكتشفوا مجاهل الكون . و سبروا اسرار الكون في كل مجالاته.
قاموا بالتغيرات الجذرية بالثورة الصناعية و الثورة الاجتماعية تحولوا من مجتمعات زراعية الى مجتمعات صناعية و في مراحل متقدمة كامن ثورة المعلومات التي فتحت آفاق العلم و المعرفة عبر معاناة عصور التحولات المضنية . كما استفادوا من دروس حروب المائة عام والحربين الاولى و الثانية و اختطوا الديمقراطية منهجا للحياة . هنا نستعيد مقولة السيدة مارجريت تاجر رئيسة وزراء بريطانيا ، أن الحروب لا تقع بين الدول الديمقراطية . و واصلوا تقدمهم الى اهدافهم السامية بتضحيات مفكريهم و فنانيهم و خلدوا ذكراهم ، فاحتفلوا بمرور خمسمائة سنة على رحيل الفنان المبدع ليوناردو دافنشي .
في نهاية القرن العشرين فكوا طلاسم الخريطة الجينية الى أن وصلوا الى الاستنساخ في مجالات الحياة المختلفة و غيروا وجه التاريخ بغزو هم الكواكب . بالأقمار الصناعية و الصواريخ العابرة للقارات ، توجوا في مستهل القرن الواحد و العشرين بثورة المعلومات و الانترنت.
في خضم هذه المعركة الانسانية الجبارة ، لعبت الجغرافيا و الرأسمالية دورهما ، فتعرضت البنية الاجتماعية و الاقتصادية لعملية تغيير وتشويه للمفاهيم و المضامين و هكذا دفعت مجتمعات هذه الدول الثمن مقابل كل الانجازات المبدعة ، فلم تستطع هذه المجتمعات بناء قاعدة توازن بين الماديات و الانسانية ، فكانت الاسرة ، قاعدة المجتمع ، أول الضحايا .
وعت المجتمعات النامية ، بعد خسارتها في بناء قاعدة خطط تنموية ,قادرون على تنفيذها و العيش على تمجيد الماضي الذي لا يمكن البناء عليه في تجسير العلاقة بينهما و تحدي الحاضر و المستقبل بالماضي ،. المشكلة في هذه الدول أنها لم تعي أن الانسان هو العمود الفقري لبناء مجتمع يكون نساعما في ما تنجز المجتمعات المتقدمة و هيئة له كجزء من خطة الدلوف الى ساحة الابداع وتركت الساحة مرتبكة لا تسترشد بخارطة طريق وطنية ، بل للصعود الاجتماعي على حساب المصلحة العامة المستقبل ، بل تركت لأمزجة الفرد و مصلحته الفردية . فوجدت نفسها في حال التابع لما يحدث في العالم الخارجي في مسافة زمنية لا يمكن مجاراتها . فلا مفر لها إلا استخدام كل ما هو جاهز للاستعمال، لتقطف ثمار إنجازات المجتمعات المتقدمة بأيدي مستأجرة . اختزلت العلاقة الزمنية مع المجتمعات المتقدمة الى اعملية " لتوصيل للمنازل "على جناحي الاقتصاد الريعي و الفساد و ما في سلته من ثقافة العملة الرديئة الطاردة للعملة الجيدة .
الذي يدعو الى الدهشة ، أن كثيرا من المجتمعات الصغيرة الحديثة المستقرة على رقعة جغرافية تماثل كثيرا من جغرافية قرى الدول الواسعة المساحة و أقل بكثير من حجم سكانها .

إن طموح هذه الدول الصغيرة الغير مبني على الواقع ، سبب لها كثيرا من المشاكل ، حيث تتآكل القيم الأخلاقية و الاجتماعية و أهمال التراث أمام الاستهلاك اللاهث لما ينتجه الآخرون . أن انهيار القيم و تآكل التراث مدفوع مجاني . هذه المنهجية التائهة اوصلت هذه المجتمعات الى مستقبل ضبابي .
حال الدول الصغيرة الحديثة ، حال من فقد البوصلة ،أسر تفككت، و تقاطع التواصل الا عبر لقاءات عابرة في مناسبات الافراح والأتراح ، تنطبق عليهم رواية Poor man Rich man التي تروي العلاقة بين شقيقين . أصبحت المحاكم هي ساحة الحوار و حل النزاعات بين أفراد الأسرة الواحدة ، اضمحلال الاسرة الممتدة بدون أي مبرر جغرافي او اقتصادي ، معدلات طلاق تضاهي معدلات الطلاق في المجتمعات الكبيرة الصناعية ، تخلي المرأة عن دورها الأسري و تقويضها عاملة جاءت من مناطق فقيرة متخلفة بالقيام بأمور الاسرة بما فيه تربية و ورعاية الاطفال ، و بالتالي تثوم العاملة بتدمير الهرم الاسري و الهرم الاجتماعي ، ، كل شيء في البيت غريب بالنسبة لهذه العاملة و تجهل الكثير من أدوات البيت و طريقة استخدامها . كل ما اصبح واقعا في هذه المجتمعات الصغيرة الغنية بعوائد النفط الخام لم يعد كذلك قبل نصف قرن تقريبا ، كان مجتمعا أقرب الى المجتمعات الريفية . جاء النفط فطويت صفحة و فتحت صفحة مناقضة لها تماما عبر جيل واحد لا عبر قرون . قفزة في الهواء تدفع ثمتها باهضا غير قابل للتعويض ، اجيال و أجيال لا يعوض .أما على صعيد مستقبل الاقتصاد لهذه الدول المعتمدة في معيشتها الكلية على عوائد النفط ، فلنعد الى عام قريب و هو 2014 ، لنعرف أن المستقبل ليس براقا على الاطلاق
فالاعتماد على النفط أمر يضع هذه الدول رهينة لسوق لا هوية محددة له ، فهذه الدول الصغيرة المعتمدة على النفط يكاد أن يكون كليا . سعر برميل النفط dتحكم فيه " أشباح " ما حدث في السنة المذكورة كافية للبرهان على ذلك . انخفاض سعر برميل للنفط الخام من 110 دولارات للبرميل في عام 2014 الى 26.5 دولارا للبرميل ، حيث اتخذت إجراءات أحبطت آمال و أحلام دول الرفاه . إن هذا دعوة واضحة للعيان لتغير السلوك الاجتماعي لمجتمعات هذه من أجل إبقاء قليل من الامل لأجيال بعد النفط أو على الاقل لأجيال 30 دولار لبرميل التنفط .
و لنأخذ الكويت كدولة نفطية غنية بالنفط و لا شيء غير النفط . ففي سنة 2018 كانت ميزانيتها تقدر بعشرة مليارات دينار كويتي و ايراداتها من عوائد النفط احد عشر مليار . أما إجمالي الايرادات فقد بلغت خمسة عشر مليار دينار .رواتب موظفي الدولة في تلك السنة تلتهم 75 % من إجمالي ايرادات الدولة .و قد بنيت كل هذه الحسابات على أساس سعر برميل النفط خمسين دولارا . و انتاج الدولة من النفط مليونين و مائتي الف برميل يوميا . في حالة انخفاض سعر برميل النفط الى 30 دولار و ارتفع عدد موظفي الدولة ؟
في ظل كل هذه المعطيات ، انخفض سعر برميل النفط أقل من 30 دولارا، و قد هذا في العقد الماضي لمدة أكثر من ستة شهور يعني معظم هذه الدول النفطية الصغيرة لن تكون موجودة على خريطة الدول الغنية و ستعجز عن توظيف المزيد من مواطنيها .
لن تكون قبلة للعمالة الوافدة ولا ارتياد مطاعم و مقاهي المجمعات الفخمة و لا أيضا الرحلات الصيفية و و خاصة أن نسبة الادخار بين الكويتيين تكاد أن تكون صفرا .

عدد الزيارات1095

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *