بإلقاء نظرة على برامج الأقسام العلمية في الجامعات المختلفة حول العالم وفي مقارنة محصلة خريجي مختلف هذه الجامعات وهي المحك، تجد ان هناك فروقات واضحة بين بعضهم البعض. لا تقتصر هذه الفوارق على المعلومات والمقررات المطروحة في برامجها فقط ،وانما في الفهم الواسع لموقع التخصص في الخريطة العامة للعلم والعلاقات المترابطة، وهي ركن أساسي، فالعلم علاقات بين”مركباتها”عدا الجغرافيا التي تنفرد بعراقتها مع العلوم الأخرى. فالصورة الكلية لحركة الأشياء وتفاعلاتها المختلفة على حياة الكائنات بما فيها الانسان هي على المحك .
يشكل المكان حجر الزاوية في تشكيل كل حيز جغرافي مهما كان حجمه وبغض النظر عن دوره فيما يحدث على الأرض.
يعتبر ايمانويل كانت (كانط) من أعظم الفلاسفة في العالم حتى الان. هذا الفيلسوف أدرك أهمية المكان فاهتم بالجغرافيا وقام بتدريسها عدة سنوات. جاء اهتمام هذا الفيلسوف بالجغرافيا عن طريق الفكر الفلسفي للمكان .كما اهتم الاقتصاديون بالمكان وإن اتخذوا المنهج الاقتصادي طريقا بتعاملهم مع المكان، فكانت لهم رؤيتهم الخاصة بالمكان .
الفهم العميق و الواسع الأفق لأي علم في المجال الأكاديمي لا يأتي عن طريق مقررات جديدة واقصاء أخرى فقط، وانما عن طريق الاهتداء بفلسفة المؤسسة العليا و هي الجامعة على ان يقوم بهذا الدور من له كفاءة و خبرة في هذا المجال.
الجغرافيا علم العلاقات، أي علاقة أي مكان بالأماكن الأخرى سواء الطبيعية منها او ما يبتكرها الانسان. هنا يأتي دور الثقافة العامة والعلمية لمخطط البرنامج و ًنقصد هنا الفهم الفلسفي للمكان.
ليدرك الجغرافي أهمية المكان، يلقي نظرة على خريطة العالم منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الان.
نجد ان الجغرافيا مثلا، في الجامعات العربية وربما النامية الأخرى، صوتها خافت للكثير من الجغرافيين الغير قادرين على رفع صوتها والدفاع عن قضيتهم لأسباب متعددة، فبرامج الجامعات العربية بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص، وبالرغم من الأهمية لأن تكون الجغرافيا عضوا مشاركا في برامج الكثير من العلوم في الجامعات، قد اقصيت بسبب القصور في دور الجغرافيين في توضيح أهمية الجغرافيا في المحافل العلمية والثقافية.
الأمر المدهش ان الجغرافيا تكاد ان تغيب تماما في برامج ” الجامعات ” الخاصة وصوتها خافت في جامعة الكويت التي كادت ان تتحول الجغرافيا الى نظم المعلومات Google earth
فالكويت بموقعها الجغرافي وجغرافيتها ، تحفز كل من يهتم بوضع الكويت السياسي ان يتطلع الى مستقبل الكويت القريب وليس البعيد فقط. إن دور الإدارة الاكاديمية في غاية الأهمية في نبني فلسفة واضحة المعالم لتكون أساسا لرسم سياسات وحداتها الاكاديمية والعلمية.
نؤكد مرة أخرى ، على أهمية الكفاءة والخبرة الادارية والاكاديمية في رسم مخطط البرامج الاكاديمية على مستوياتها المختلفة.